اغتيال عروبة بركات

لماذا قتلو الدكتورة السورية؟ وابنتها وأقاربهم من قبل؟!

عروبة وحلا بركات شهيدتان جديدتان في قافلة الموت السورية

قُتلت في عشية أول أمس الخميس (21\9\2017م) المعارضة والكاتبة السورية، “عروبة بركات“، وابنتها  الصحفية والإعلامية، “حلا بركات”، في منزلهما الكائن في الجزء الآسيوي في مدينة اسطنبول التركية, حيث وجدت الشرطة التركية جثتيهما مغتالتين.
 تعد عروبة بركات من الناشطات الصحافيات البارزات في سورية، إذ كانت من الأوائل الذين جاهروا بمعارضتهن للنظام السوري ممثلا بـ “بشار الأسد” وأعوانه عند اندلاع الثورة السورية العظيمة عام 2011.

دور عروبة بركات في الثورة السورية:

وقد ساهمت مساهمة كبيرة في دعم الثورة السورية في عدة مجالات، وكان من أبرزها الدور الإعلامي والتنظيمي، داخل سورية وخارجها. انضمت بركات إلى “المجلس الوطني السوري” الذي تأسس في الثاني من تشرين الأول/أكتوبر عام 2011، والذي كان حينها ممثّلاً سياسياً للثورة في سورية، والذي تشكّل من أطياف المعارضة السورية الساعية للحصول على حكم انتقالي يُزيح الأسد من السلطة ويحقق الحرية والعدالة لجميع أطياف الشعب السوري العريق.
عُرفت بركات الأم بمواقفها المناصرة للثورة السورية، وانحيازها لتطلعات الشعب السوري، ساعية لنقل همومه وأوجاعه، بينما رزح تحت وطأة القصف والحصار وعانى الأمرين من الظلم والطغيان.
إلا أن هذه الميول الثورية لعروبة لم تكن وليدة ثورة عام 2011 وحدها, إذ أنّها هاجرت من بلدها الأم “سورية” مرغمة منذ الثمانينيات، عندما قمع النظام السوري الاحتجاجات في مدينة مدينة حماه وعاث بأهلها قتلا وتنكيلا، الأمر الذي أدّى إلى تهجير عدد كبير من السوريين، من بينهم عروبة بركات, التي تنقلت بين بلدان كثيرة إلى أناستقرت في أمريكة وأنجبت طفلتها”حلا بركات”.
ومن الجدير ذكره ان النقد اللاذع الذي شنّته بركات، المُنحدرة من محافظة محافظة إدلب السورية أو كما يسميها السوريون”ادلب الخضراء, لم يقتصر على النظام السوري فحسب، إذ انتقدت إخفاقات المعارضة السورية، وهذا كان سببا لنشوب خلاف لها مع شخصيات معارضة عدة.
عروبة وحلا رمزان من رموز الثورة

من هي حلا بركات:

أما ابنتها الشابة ” حلا ” فهي تحمل الجنسية الأميركية، وكانت تعمل في القسم الإنكليزي في مؤسسة “أورينت” الإعلامية.
وأفاد الشاعر السوري المعروف” محمود الطويل” والذي سبق وعمل مع حلا بركات، بأنها تركت العمل قبل نحو أسبوعين، وانتقلت إلى عملٍ جديد، موضحاً أنّها كانت من أنشط الصحافيين داخل المؤسسة، بالإضافة إلى أنّها تابعت دراستها إلى جانب عملها، مع العلم أنها تخرّجت مؤخرا من كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية في جامعة “اسطنبول شاهير” التركية.
ويشير “الطويل” في حديثه إلى أنّ حلا ووالدتها عروبة، لم تفوّتا أي مظاهرةٍ للسوريين في اسطنبول إلا وكانتا السباقتين لها، حيث كانت تشارك الأم في تنسيق التظاهرات والوقفات الاحتجاجية ضد الجرائم التي يتعرّض لها السوريون داخل بلادهم.
بدوره، ذكر مصدر في مكتب تحرير موقع “أورينت إنكليزية” الذي عملت فيه بركات الابنة  فترة لا بأس بها “إنّها كانت موجودة منذ افتتاح الموقع، وكانت من المؤسسين”.
مضيفا أنه فضلاً عن عملها في الموقع، فقد كانت لها مجموعة هائلة من التقارير للتلفزيون وشاركت بعدة برامج للقناة وقامت بترجمة عدّة تقارير، لافتاً إلى أنها كانت مؤمنة بالثورة السورية العريقة إيمانا متأصلا في أعماقها وحاولت بكل ما أوتيت من قوة وعلم إيصال صوت السوريين إلى المواطن الغربي, وكان عملها  بنهمٍ يتجاوز دورها كموظفة في المؤسسة، وذلك من خلال ترجمة الأحداث السورية والصلات الكثيرة التي كانت تمتلكها مع الناشطين الأجانب.
هذا وقد وصفها المصدر نفسه بـ “المرحة والنشيطة”، وقال “لقد كانت مُفعمة بالحيوية وكانت تتمتع بحياة فتاة طبيعية جدا, بالإضافةً إلى أنها كانت تمتلك غيرة كبيرة على بلدها “سورية”، وهو ما اتضح من خلال عملها في متابعة الصحافة الغربية”.
عروبة وحلا..ابتسامة لن تموت
من جهته، أوضح الناشط الإعلامي،”جلال الحمصي”اولذي سبق أن عمل مع ” حلا “، أنّها كانت مُتفانية جدا في عملها، وتحاول بذل قصارى جهدها لتتمكن من تعريف القارئ الأوروبي بشكل خاص والغربي بشكلٍ عام بما يجري على أرض سورية الحبيبة، لافتاً إلى أنّها كانت نموذجاً حقيقياً في حب مهنتها وتقديم الكثير الكثير لها على الرغم من أنّها كانت منهمكة بالدراسة والتحصيل العلمي.
هذا وقد توقع المحللون أنه ربما يكون اغتيال “عروبة بركات” وابنتها الصحافية “حلا بركات”، بداية لمرحلة جديدة من الحرب السورية التي تشرف على نهايتها وتقبل على مرحلة من العنف الجديد المتمثل بتصفية الخصوم السياسيين والاغتيالات الرمزية، على يد النظام السوري الغادر, الذي سيسعى من دون شك إلى قمع ما تبقى من الأصوات المعارضة له بكافة الطرق والسبل، بما في ذلك تنفيذ جرائم بشعة خارج الحدود السورية، للتأكد من عدم اندلاع أي احتجاجات ضده على المدى البعيد.
حيث أنه ومنذ الكشف عن الاغتيال المزدوج, توجهت أصابع الاتهام للنظام عبر مواقع التواصل الاجتماعي، استناداً إلى منشور لشذا بركات،”شقيقة عروبة” عبر صفحتها الشخصية في “فايسبوك“، أشارت فيه إلى طبيعة الاغتيال السياسية البحتة، بعدما عثرت الشرطة التركية على جثتي عروبة (60 عاماً) وحلا (22 عاماً) في شقتهما بمنطقة أسكودار في اسطنبول، علماً أنهما قتلتا قبل يومين على الأقل طعناً بالسكاكين حسبما نقلت صحيفة “بني شفق” التركية، فيما استخدم المجرمون مواداً منظفة لمنع انبعاث رائحة الجثتين واكتشافهما مبكرا.
ويُذكر أن المغتالتين “عروبة وحلا بركات”، تعدان من أقارب المواطن الأمريكي السوري”ضياء بركات“, الذي قتل في أمريكا مع زوجته وأختها في شهر فبراير/شباط من العام 2015 في ولاية كارولينا الشمالية الأمريكية. وقد روجت الشرطة الأمريكية وقتها أن الدافع من وراء الجريمة مشاجرة بشأن تنظيم وقوف السيارات، في حين أكد والد الشاب ضياء أن الجريمة لأسباب عنصرية ضد المسلمين. وقام القاتل بتسليم نفسه بعد عملية القتل إلى قسم الشرطة.
حلا بركات إلى مثواها الأخير
فعلى من سيأتي الدور في المرة المقبلة, ومن منكم أيها السوريون الأبطال سيكون الرقم الجديد في عدَّاد الموت السريع, وإلى أي مدى ستصل يد الغدر لتقطف أروع الزهر وأثمر الشجر؟!
لكما “عروبة وحلا بركات” العزاء في سورية الحبيبة, ولسورية الأم أحر التعازي بفقدان ابنتين جديدتين من بناتها.
المصدر: عرب تركيا
Scroll to Top